استنبات الشعير.. خطوة جديدة لتعزيز الثروة الحيوانية

تاريخ النشر
استنبات الشعير.. خطوة جديدة لتعزيز الثروة الحيوانية
حقل مزروع بالشعير في صورة من أرشيف رويترز.

رام الله-وفا-علاء حنتش-تعكف عدة مؤسسات على تنفيذ بحث تطبيقي من شأنه أن يساهم في التغلب على معضلة الاعلاف للأغنام وتوفير الأمن الغذائي وتعزيز الزراعة المستدامة، من خلال ممارسات زراعية تؤدي إلى زيادة انتاجية محصول الشعير من خلال استنباته بتقنية الزراعة المائية، واستخدامه كأعلاف تعزز الثروة الحيوانية.

ويشكل ارتفاع اسعار الاعلاف وانحسار المراعي من أهم اسباب تراجع الثروة الحيوانية في فلسطين وارتفاع اسعارها.

اعتماد هذه التقنية سيزيد من انتاج محصول الشعير بشكل كبير في وقت قياسي، وهذا سيكون له انعكاس على اسعار الالبان واللحوم مستقبلا، حيث ستقل الأسعار لانخفاض تكلفة الانتاج.

وحول البحث قال مدير اتحاد جمعيات المزارعين عباس ملحم: "يهدف البحث الى تنفيذ تجربة تطبيقية لقياس اثر الاعلاف الخضراء (المستنبتة) على الاغنام اللابنة، وتسمين الخراف، هذه التجربة ستكون مدتها 5 شهور على الاغنام اللابنة وشهرين ونصف على خراف التسمين، والهدف من هذه التجربة هو التقليل من تكاليف الانتاج على مربي الثروة الحيوانية وزيادة الانتاجية في الحليب واللحوم، بأشراف وزارة الزراعة ."

وأضاف: "جاءت هذه التجربة لتعزيز الشراكة والتكاملية بين القطاع الخاص والحكومة والجامعي البحثي والاطر التمثيلية للمزارعين، بهدف دعمهم واسنادهم وعلى وجه الخصوص في منطقة الاغوار من أجل تقليل تكاليف الانتاج وزيادة الارباح".

وأوضح ملحم أنه تم اختيار مزرعة اغنام في العوجا وتم تقسيم الاغنام فيها الى 5 مجموعات لتطبيق التجربة، حيث سيتم  اطعامها من الاعلاف الخضراء بإشراف من خبير تغذية، وسيتم خلال التجربة تسجيل وتوثيق البيانات والمدخلات لمقارنة تكاليف الانتاج مع الاعلاف التقليدية .

وأوضح أنه تم توقيع اتفاقية لتنفيذ البحث مع جامعة القدس المفتوحة ومؤسسة "أوكسفام" الدولية، وشركة "أجراد" للتسويق الزراعي والاستثمار، واتحاد جمعيات المزارعين الفلسطينيين بإشراف الوزارة.

من جهته أوضح عميد كلية الزراعة في جامعة القدس المفتوحة معن شقوارة، أن شراكة الجامعة في هذا البحث هي لتفعيل أهداف الجامعة ورسالتها بالتعاون مع المجتمع المحلي والقطاع الزراعي.

وقال: "دورنا اشرافي ميداني على مجريات البحث والقيام بعمليات التحليل المخبري لمكونات الغذاء (الشعير المستنبت)، ونحن معنيون بتحليل مخرجات البحث وهي جودة اللحوم والحليب ومشتقاته، وسيتم ذلك في مختبرات مركز البحوث الزراعية في المشروع الانشائي في اريحا.

وتابع، نحن نطلع الى الهدف بعيد المدى وهو تثبيت المزارع في ارضه، ونعمل على خفض تكاليف العلف المستورد من الخارج، وايجاد مصدر علف محلي وانعاش قطاع الثروة الحيوانية .

وأوضح أن هذه التقنية تنتج طنا ونصف الطن من العلف (الشعير المستنبت) من مساحة دونم ونصف خلال 7-8 ايام وكل اسبوع تقريبا يكون لدينا دورة انتاجية جديدة، وهذا استغلال امثل لوحدة المساحة، مقارنة مع الانتاج بالطريقة التقليدية وهو معدل انتاج 350-400 كيلو غرام بالموسم لنفس المساحة اي خلال 6 شهور.

وبين أن تقنية الزراعة المائية من التقنيات الزراعية التي تهدف الى المساهمة في توفير الامن الغذائي الفلسطيني، حيث تعاني فلسطين من محدودية في الاراضي الزراعية والمياه بسبب الاحتلال وممارساته ، وأن هذا النمط متبع في الدول المتقدمة ويتم تشجيعه من كافة المؤسسات العاملة في مجال الزراعية والمياه، وهذه التقنية بالإمكان تعميمها في فلسطين، بعد عقد دورات تدريبية متخصصة للمعنين فيها، والجامعة مستعدة لتنفيذ هذه التدريبات.

بدورها أوضحت مسؤولة الدعم في مشروع تطوير التطوير العادل للإنتاج الزراعي وانظمة السوق في اوكسفام  فداء الحسيني، أن هذا البحث يأتي ضمن برنامج تنفذه المؤسسة وهو برنامج العدالة الاقتصادية، وهذا النشاط يأتي في اطار مشروع التطوير العادل للإنتاج الزراعي وانظمة السوق في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا ممول من الوكالة السويدية للتعاون الانمائي الدولي سيدا، ومن ضمن أهداف المشروع تحقيق نمو زراعي عادل ومقاوم لصغار المزارعين في فلسطين، وبالتالي نزيد الرفاه والدخل من خلال تحسين النظم الزراعية والسوقية .

وأوضحت أنه من خلال البحث تسعى المؤسسة لتطوير منهجية لها علاقة بتطوير انظمة السوق لخدمة صغار المزارعين .

وقالت: "نحن دورنا تيسيري ما بين الشركاء (القطاع العام، والخاص، والاكاديمي)، ونسعى لحل مشكلة موجودة بالسوق وهي ارتفاع اسعار الاعلاف ومحدودية وجودها، وعدم وجود انتاج محلي لتلبية حاجة السوق من الاعلاف، اضافة الى المشكلات التي تعاني منها فلسطين وتأثرها بالتغير المناخ وقلة المياه ومحدودية الاراضي الزراعية".

وأضافت: هذا البحث التطبيقي يوفر فرصة للتحكم بالظروف البيئية للمنتج، سواء الري والاضاءة والتعقيم والرطوبة خلال فترة الاستنبات بما يضمن تقليل التكاليف على المزارعين ومضاعفة الانتاج وتحسين النوعية، وبهذه الطريقة نستطيع ان نحصل على الاعلاف على مدار العام.

وأعتبر مدير عام شركة أجراد للتسويق الزراعي  جلال الجي أن هذا المشروع يختلف عن المبادرات السابقة في مجال انتاج الاعلاف الخضراء كونه انتقل  للقطاع الخاص كشريك، فالتجارب السابقة كانت مع جمعيات، ولم يكتب لهذه المشاريع تحقيق النتائج المرجوة، ما ادى الى خسائر لدى المستفيدين، لعدم وجود خبرة ومعرفة بالاحتياجات الغذائية للمواشي.

وقال: "نحن كشركة تطوير زراعي قمنا بعدة تجارب على مدى عامين، وهذا جعلنا وشركاؤنا على ثقة بان هذا البحث التطبيقي سيحق النتائج  المرجوة منه، فنحن نتطلع مستقبلا الى توفير هذه الاعلاف التي ستساهم بشكل كبير في زيادة عدد المواشي التي قلل عددها بشكل كبير في فلسطين بشبب قلة المراعي والاعلاف وغلاء ثمنها، وتحسين نوعية وكمية الحليب واللحوم بما ينعكس بشكل مباشر على صحة المواطن وقدرته الشرائية" .

وأشار مدير دائرة الاعلاف في وزارة الزراعة، المهندس غازي كعكاني الى أن هذه التجربة مميزة جدا في تقليل تكلفة انتاج الثروة الحيوانية سواء انتاج اللحم او الحليب، لافتا الى أن السنوات الاخيرة شهدت  تراجعا في أعداد الثروة الحيوانية خاصة الاغنام بسبب ارتفاع أسعار الاعلاف وعدم قدرة المزارعين على تحمل التكاليف العالية للإنتاج، ما ادى الى التحول الى نشاطات زراعية اخرى او الخروج من العمل في القطاع الزراعي بشكل كبير .

وأوضح أن هذه التجربة من شأنها ان تعطي تخفيضا بما لا يقل عن 15-20 بالمئة من تكاليف التغذية والتحول من الاعلاف المركزة الى الاعلاف غير التقليدية المستندة على المخلفات الزراعية والاستنبات لمحاصيل علفية تؤدي بالنتيجة الى تكوين خلطات علفية متكاملة بسعر اقل من اسعار الاعلاف التقليدية والتوجه الى صناعة السيلاج، وهو "حفظ المخلفات الزراعية النباتية في ظروف لا هوائية تضمن ارتفاع حامض اللاكتيك بما يسبب حفظ هذه المنتجات لفترة زمنية يقل فيها انتاج الاعلاف الخضراء في فصل الصيف".

وأكد كعكاني ان المشروع خطوة اولى في طريق الاعتماد على السوق المحلي في انتاج الاعلاف والاستغناء عن تحكم مصانع الاعلاف الاسرائيلية بالسوق.

وتشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء أن حجم استهلاك السوق الفلسطينية من أنواع الأعلاف المختلفة حسب إحصائيات العام 2015-2016 ما معدله 945.298 ألف طن، يغطي إنتاج مصانع الأعلاف الفلسطينية 40% من هذه الاحتياجات، والباقي يتم توفيره من الخارج.