تحليل-هل ستنجح رزم الإنعاش الاقتصادي في تجنب الركود؟

تاريخ النشر
تحليل-هل ستنجح رزم الإنعاش الاقتصادي في تجنب الركود؟
صورة توضيحية-أوراق نقدية-تصوير وكالات

رام الله-أخبار المال والأعمال-سجّل الدولار الأمريكي انخفاضا اسبوعيا لم يحدث منذ عام 1986 الأسبوع الماضي وأغلق أمام اليورو عند مستوى 1.1142 دولار و1.2452 دولار للجنية الإسترليني، بينما أغلق الدولار على سعر 0.9505 فرنك سويسري و107.97 ينا، بعد تصدّر الولايات المتحدة الأمريكية لعدد الإصابات بفيروس كورونا، وبعد تراجع أزمة عجز السيولة، بسبب قيام الفدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الأخرى بضخ مبالغ كبيرة من الدولار في الأسواق، لتغطية العجز الذي نتج عن تراجع مؤشرات الأسهم العالمية، وساهم في ارتفاع الدولار بداية الأزمة.

فما ان بدأ الاسبوع حتى أعلن رئيس البنك الفدرالي توسعا نقديا غير مسبوقا، بشراء سندات ورهون عقارية من السوق بسقف غير محدود، مبررا ذلك باعتقاده أن الاقتصاد الأمريكي قد دخل مرحلة الركود فعلا، وأن العجلة الإقتصادية لن تبدأ في الدوران  قبل النصف الثاني من العام الحالي.

كما جاء تراجع الدولار نتيجة ما تم الإعلان عنه من رزمة انعاش اقتصادي وتوسع كبير في السياسة المالية والإنفاق الحكومي الأمريكي لدعم الاقتصاد وإغراق الأسواق بالسيولة، بهدف الحيلولة دون حدوث ركود اقتصادي حاد، فقد اعتمد مجلسا النواب والشيوخ رزمة تحفيز بقيمة 2.2 ترليون دولار لدعم العاطلين عن العمل دعما مباشرا، ودعم القطاع الصحي، والأبحاث الطبية، والأعمال الصغيرة والمتوسطة والكبيرة.

وبذلك قد يتجاوز مجموع رزم الانعاش التي قدمها الفدرالي والحكومة الـ 6 تريليون دولار، الأمر الذي ساعد في توقف التراجع في أسواق الأسهم وتحسنها مؤقتا.

وحذت البنوك المركزية في العالم والحكومات حذو أمريكا، فالمركزي الأوروبي من جانبه أعلن عن توسع نقدي بقيمة 1.1 مليار يورو أيضا، جاء ذلك في حين تراجعت المؤشرات الاقتصادية عبر العالم. وأكدت حجم التراجع الاقتصادي الذي نتج عن الحجر الصحي وتوسع رقعة انتشار فيروس كورونا وارتفاع وتيرة الانتشار في اوروبا وامريكا. فمؤشر مدراء المشتريات للخدمات جاء متراجعا بشكل كبير عما كان متوقعا عبر العالم، كما جاءت مؤشرات الانتاج متراجعة وإن بنسب أقل.

كما شهدت الأسواق تراجعا حادا في مؤشرات الثقة في الأداء الاقتصادي لعديد من الدول، رافق ذلك ارتفاع في طلبات إعانات البطالة في أمريكا وغيرها من الدول بسبب الحجر الصحي وتوقف الكثير من الأعمال.

الخبراء لا يتوقعون استمرار تراجع الدولار الأمريكي كعملة ملاذ، خاصة مع عدم ظهور بوادر انحسار لحدة انتشار الوباء. إلا أن بعض الخبراء يرى بأن توسعا نقديا بهذا الحجم وهذه السرعة قد يؤدي الى ارتفاع نسبة التضخم، واختلال سوق صرف العملات نتيجة إغراقها بالسيولة الزائدة عن الحاجة، في ظل توقف العمل وحجر العمال.

قمة العشرين في السعودية أكدت أن دول المجموعة على استعداد لفعل كل ما هو ممكن لتفادي ركود اقتصادي محتمل.
هذا الأسبوع، ستبدأ مؤشرات ما بعد الأزمة الصحية في الظهور، غدا الاثنين سيتم الإعلان عن مؤشر أسعار المستهلك الألماني، حيث من المتوقع أن يتراجع الى 1.4% بعد ان كان 1.7% على اساس سنوي، كما سيتم الإعلان عن ثقة المستهلك بدورة الأعمال في اوروبا. أما يوم الثلاثاء، فسيتم الإعلان عن مؤشرات البطالة في ألمانيا ومؤشر أسعار المستهلك لدول الاتحاد الأوروبي، حيث من المتوقع ان يتراجع الى 0.8% من 1.2% سابقا.

وسيبدأ يوم الاربعاء بالإعلان عن مؤشر (Caixin) الصيني للإنتاج لشهر اذار الحالي، حيث من المتوقع أن يظهر المؤشر تحسنا عن قراءة الشهر السابق.

كما سيتم الإعلان عن مؤشرات أمريكية مهمة؛ حيث سيتم الإعلان عن مؤشر (ADP) للوظائف في قطاع الأعمال ومن المتوقع أن يكون هناك خسارة لـ 150 ألف وظيفة  أعمال، يلي ذلك الاعلان عن مؤشر (ISM) لمدراء المشتريات للقطاعات الانتاجية لشهر اذار، حيث من المتوقع ان تتراجع قراءة المؤشر من 50.1 لشهر شباط الى 44.3 لشهر اذار. وكذلك مؤشر (ISM) لعمالة قطاع الإنتاج، حيث من المتوقع ان يتراجع ايضا.

يوم الخميس، سيتم الإعلان عن الزيادة في طلبات إعانات البطالة الأمريكية. أما يوم الجمعة، فسيتم الإعلان عن بيانات البطالة والتشغيل الأمريكية حيث من المتوقع فقدان 123 ألف وظيفة خارج القطاع الزراعي، وارتفاع نسبة البطالة الى 4%. يليه ايضا مؤشر (ISM) للقطاعات غير الانتاجية حيث من المتوقع ان يتراجع ايضا.

التحليل الفني: (المؤشرات الفنية تفقد دلالتها عند ارتفاع نسبة التذبذب نتيجة أحداث كبيرة)

الدولار الأمريكي:
انخفض الدولار الأمريكي بشكل كبير خلال الأسبوع، وأغلق مؤشر (DXY) عند مستوى 98.35 منخفضا دون مؤشرات معدلات الأسعار الرئيسية ومتراجعا بنسبة تجاوزت الـ5% خلال الأسبوع. هذا التراجع التصحيحي كما يعتقد البعض، جاء بعد استقرار أسواق الأسهم إثر إغراق الأسواق بالسيولة وتقديم رزم تحفيز اقتصادي تجاوزت الـ6 تريليون دولار.

الخبراء يرجحون استعادة الدولار لبعض من قوته على المدى القصير، خاصة مع استمرار المخاوف من سرعة انتشار فيروس كورونا، وقدرة الاقتصاد الأمريكي على استعادة نشاطه قبل الاقتصادات الأخرى.

إلا أن تراجعا لاختبار مستويات الدعم عند مستوى 96.50 يبقى واردا، قبل معاودة الارتفاع لاختبار حاجز المقاومة الفنية عند مستوى 100، لذلك يتوقع المحللون الفنيون استمرار التداول في نطاق واسع وتذبذب سريع وعالي في نطاق بين (96.5 و101.50) خلال هذا الأسبوع، مع احتفاظ الدولار بوتيرة الارتفاع وإن بزخم أقل.
مستويات الدعم 97.80 - 97.00-96.20 المقاومة: 99.1 - 99.90- 100.5
اليورو الاوروبي:
ارتفع سعر صرف اليورو بشكل كبير قبل الإغلاق يوم الجمعة، ليغلق عند مستوى  1.1140 متجاوزا كافة الحواجز الفنية على إثر تراجع الدولار الأمريكي، الذي اعقب إغراق الأسواق بالدولار من خلال رزم التحفيز الاقتصادي.

الخبراء الفنيون يرجحون أن هذا الارتفاع الكبير كان متسارعا ومفاجئا للأسواق خاصة مع الانتشار الكبير لفيروس كورونا في أوروبا وارتفاع عدد الوفيات هناك.

وسيجد اليورو صعوبة في الاحتفاظ بمكاسبه مع ارتفاع مؤشرات إشباع الإرتفاع، وفي ظل الظروف الصحية الحالية. إلا أن المؤشرات الفنية ايجابية وتوحي باستمرار الارتفاع لاختبار مستويات المقاومة عند مستوى 1.1180 و1.1240 وحتى 1.1310 قبل معاودة الانخفاض لاختبار الدعم الفني عند مستوى 1.0950، لذلك يتوقع المحللون تذبذبا عاليا في نطاق 1.0950-1.1310 لهذا الأسبوع.
نقاط الدعم: 1.1080-1.1010 -1.0955 المقاومة: 1.1185  -1.1240 – 1.1310 
الشيكل الاسرائيلي:
تراجع الدولار الأمريكي بشكل حاد أمام الشيكل الإسرائيلي، بعد أن ارتفع بداية الأسبوع واختبر مستوى 3.7000، وتراجع منه ليغلق الأسبوع عند مستوى 3.5700، إثر استقرار أسعار الأسهم العالمية والإعلان عن إمكانية تشكيل حكومة في إسرائيل، بعد اتفاق بين الأحزاب لإدارة الوضع الصحي المتردي الحالي.

المركزي الإسرائيلي أعلن عن ضخ 15 مليار دولار في الأسواق، كما أعلن عن برنامج لشراء سندات حكومية بمبلغ  50 مليار شيكل، معطيا دعم الاقتصاد أولوية كبيرة، ورافعا شعار "لا صحة بدون اقتصاد".

البطالة في اسرائيل ارتفعت بشكل كبير، فقد أعلن صباح الأحد تجاوز البطالة لنسبة 22.5% بعد أن سجل 764 ألف عاطل عن العمل منذ بداية شهر اذار، وبعد إعلان حالة الطوارئ والحجر الصحي. هذا يشكّل ضغطا كبيرا على السياسة المالية للحكومة المؤقتة، بانتظار ما ستقرره الحكومة الجديدة من برامج، ورزم تحفيز للاقتصاد، ودعم مباشر للعاطلين عن العمل، هذا إن نجحت الأحزاب في تشكيل حكومة لمواجهة الأزمة.

المؤشرات الفنية سلبية، وتوحي بمزيد من الإنخفاض لاختبار مستويات الدعم عند مستوى 3.545 و3.5150، إلا أن خروج انتشار فيروس كورونا عن السيطرة وارتفاع عدد الوفيات، واتخاذ الحكومة لإجراءات حجر صارمة قد تنتهي بالحجر التام أو التوقف الاقتصادي، قد تحول دون ذلك وقد تؤدي الى مزيد من الضعف للشيكل وارتفاع الدولار الى مستويات 3.6500 مرة أخرى، لذا يستمر الغموض في الأسواق وتستمر تقلبات الأسعار في نطاق واسع وذبذبة كبيرة، حيث يرجح المحللون استقرار التداول في نطاق 3.5450-3.6450 للأسبوع القادم مع استمرار قابلية السعر للانخفاض.
الدعم : 3.5530  3.5350  3.5150  المقاومة: 3.5950 – 3.6350 – 3.6850
الذهب والنفط:
ارتفع سعر اونصة الذهب هذا الأسبوع، لتغلق عند مستوى 1625.5 دولار للأونصة، بعد ان اختبر الذهب قاعدة الارتفاع عند مستوى 1450 دولار خلال الاسبوعين الماضيين، إثر زيادة الطلب على الدولار الأمريكي. إلا ان ارتفاع المخاطر الناتجة عن سرعة انتشار فيروس كورونا وتجاوز عدد المصابين حاجز الـ600 ألف مصاب، وضخ الأموال الكبير في الأسواق، أدى الى زيادة الطلب على المعدن الثمين كملاذ آمن. حيث ارتفع الذهب الى مستوى 1643 قبل أن يتراجع قليلا. الخبراء يتوقعون استمرار الطلب على المعدن الثمين، ويرجحون معاودة سعره الارتفاع هذا الأسبوع لاختبار حاجز المقاومة عند 1643 و1660 دولار، وتجاوزها لمعاودة اختبار أعلى أسعار وصلها هذا العام عند مستوى 1705، خاصة اذا ما استقر السعر فوق مستوى الدعم عن مستوى 1590. إلا ان الانخفاض دونها قد يعني التراجع الى مستويات الدعم بحدود 1550 و1500 دولار قبل معاودة الارتفاع.
كما تراجع سعر مزيج برنت القياسي خلال الأسبوع ليغلق عند مستوى 24.92 دولار للبرميل.

الخبراء يرجحون استمرار الضغوط على أسعار النفط نحو مزيد من الانخفاض، واحتمال إنهيار الأسعار في ظل تراجع الطلب العالمي بسبب تعطل الأعمال، الناتج عن الحجر الصحي وسرعة انتشار كورونا واحتمالات حدوث انكماش اقتصادي، ودخول الاقتصاد العالمي في مرحلة الركود.

كما ان استمرار السعودية في إغراق الأسواق بالنفط الرخيص يساهم في استمرار هذه الضغوط. إلا أن بعض المحللين يرجحون أن تعاود الأسعار الاستقرار قريبا، خاصة وأن التواصل بين أعضاء "اوبك" وخارجها ما زال مستمرا، كما ان تحالفا أمريكيا سعوديا قد ينجح في تحقيق استقرار الأسعار وتفادي الإنهيار مرة أخرى.

المصدر: البنك الوطني