تحقيق صحفي-الكلبشة.. بين البلدية والشرطة

تاريخ النشر
تحقيق صحفي-الكلبشة.. بين البلدية والشرطة
مركبة تعرضت للكلبشة في رام الله

رام الله-"القدس" دوت كوم-أثار مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي، يظهر تقييد سيارة ذات لوحة صفراء بـ"الكلبشة" في مدينة رام الله دون غيرها من السيارات التي تحمل لوحة تسجيل فلسطينية ومخالفة مثلها؛ تساؤلات حول حقيقة استهداف الشرطة للسيارات ذات اللوحات الصفراء دون غيرها مثلما أثار تساؤلات أخرى حول قانونية استخدام البلديات للكلبشات، وهل يجوز للبلديات التدخل في تحرير المخالفات؟ وظهر في الفيديو المنشور مواطن من الداخل يبدي تذمرًا من تكبيل سيارته دون غيرها، داعيًا فلسطينيي الداخل إلى عدم المجيء إلى رام الله، بسبب ما وصفها بالسياسة التمييزية في تعامل الشرطة مع السيارات ذات اللوحات الصفراء. وتعود أصل الحادثة إلى الثالث والعشرين من شباط/ فبراير الماضي، وتحديدًا في شارع الإرسال بمدينة رام الله، حينما كانت تقف سيارات من الضفة الغربية وأخرى تحمل لوحات تسجيل صفراء بجانب الرصيف على الخطين الأحمر والأبيض، وتم كلبشة السيارات التي تحمل لوحات تسجيل صفراء، حيث يتم تحرير مخالفات بالتزامن مع الكلبشة تدفع نقدًا لمندوبي شركة (تك بارك) الخاصة التي تعاقدت معها بلدية رام الله بشأن عدّادات الوقوف المنتشرة بمحاذاة الأرصفة في المدينة.

في التحقيق التالي نحاول الإجابة على الأسئلة الحائرة حول قانونية الإجراءات التي تقوم بها شركة الكلبشات (تك بارك) والتي يُظهر التحقيق أنها تعمل بتفويض من الشرطة، وباتفاق مع البلديات.

لا تمييز بين المخالفين

ويرى القائمون على عملية تنظيم المرور من الشرطة والشركة الخاصة، أنه لا تمييز بين السيارات المخالفة فهي عندهم سواء، لكن بسبب عدم قانونية تحرير مخالفات للسيارات التي تحمل لوحات تسجيل صفراء، بناءً على ما ورد في اتفاقيات أوسلو، فإنه يتم كلبشة تلك السيارات دون غيرها من سيارات الضفة إلى حين وصول أصحابها لتسديد ثمن مخالفة تدفع نقدًا للشركة المكلفة من بلدية رام الله قبل أن يصار إلى فك الكلبشة، بينما تخالف شرطة المرور سيارات الضفة المخالفة دون كلبشتها على أن يتم تسديد المخالفات في المحاكم.

وقال مدير شرطة المرور في محافظة رام الله والبيرة العقيد فؤاد أبو عرقوب، في حديث لـ "القدس" دوت كوم، إن "جميع السيارات التي ترتكب المخالفات يتم تحرير مخالفات بحقّها، وليس كما جاء في الفيديو بأنه يتم استهداف السيارات التي تحمل لوحات تسجيل صفراء فقط".

وأوضح أبو عرقوب أن "مدة الفيديو 30 ثانية، ومن الممكن أن يكون الشرطي قد تأخر في الوصول إلى المكان، وتمّت كلبشة تلك السيارات في وقت لم يكن الشرطي المخوّل بالمخالفات موجودًا في ذات المنطقة، أو ربما كان يقوم بتحرير مخالفات لسيارات الضفة فقط، حيث تحرر الشرطة المخالفات لسيارات الضفة فقط بسبب عدم توفر قاعدة بيانات للسيارات التي تحمل لوحات تسجيل إسرائيلية، ولا يتم التعامل معها بهذه الحالة إلا من خلال الكلبشات، فنحن لا نستطيع إحالة تلك السيارات المخالفة إلى المحاكم الفلسطينية".

ونوّه أبو عرقوب إلى أنه يتم في الداخل أيضًا تحرير مخالفات بحق السيارات المخالفة من قبل البلديات، "إذ إنه من حق البلديات أن تشغِّل وتتعاقد مع القطاع الخاص لتنظيم الشوارع والأرصفة الداخلية".

ويشير أبو عرقوب إلى أنه يتم تحرير مخالفات لسيارات الضفة المخالفة بالوقوف على الخطين الأحمر والأبيض بقيمة 150 شيكلًا تُدفع من خلال المحاكم، بينما يتم كلبشة السيارات التي تحمل لوحات تسجيل صفراء من قبل الشركة الخاصة بالتنسيق مع الشرطة، لعدم مقدرة الشرطة على ذلك، وتحرَّر بحقِّها مخالفات بقيمة 100 شيكل من قبل الشركة الخاصة إذ يتم تحصيل المخالفات نقدًا عبر فواتير وإيصالات وربما تدفع كاملة أو جزء منها بحسب الحالة والظروف، "إذ إنه لا يجوز تحرير مخالفات لسيارات الضفة المخالفة للقانون بينما تبقى سيارات أهالي الداخل المخالفة دون مخالفات".

ويوضح رئيس بلدية رام الله، موسى حديد، في حديث لـ "القدس" دوت كوم، أن السيارات التي تحمل لوحات تسجيل صفراء يتم كلبشتها فقط إلى حين وصول أصحابها، لكن في حقيقة الأمر لا يتم مخالفتها، لعدم المقدرة على تنفيذ المخالفات بحقها في المحاكم الفلسطينية، في حين أن السيارات الفلسطينية المخالفة يتم تحرير مخالفات بحقّها من قبل الشرطة.

من جانبه، يؤكد مدير شركة "تك بارك"، إبراهيم الغانم، لـ "القدس" دوت كوم، أنه لا توجد تفرقة أو تمييز في التعامل ما بين سيارات تحمل لوحات تسجيل صفراء أو لوحات الضفة، وهو أمر مرفوض رفضًا قاطعًا، لكن الأصل الالتزام بالقوانين السارية، و"للأسف يتم استغلال عدم مقدرة الشرطة على مخالفة من يحملون بطاقات الهوية الزرقاء، من قبل فئة قليلة". مشيرًا إلى أن ما جرى يؤكد أن الجميع مخالف سواء سيارات الضفة أو تلك التي تحمل لوحات تسجيل صفراء. وبحسب مدير شركة (تك بارك)، فإن فكرة إنشاء العدادات مسبقة الدفع جاءت لتوفير مواقف للمواطنين في المناطق القريبة من المراكز التجارية لخفض التكاليف المحتملة في حال تم التعامل مع العداد بشكل صحيح وعدم احتكار هذه المواقف لأصحاب المكاتب والمحلات طوال النهار كما كان سابقًا.

المرور: لا صلاحيات بمخالفة اللوحات الصفراء

ويوضح مدير عام شرطة المرور في الضفة الغربية، أبو زنيد أبو زنيد، في حديث لـ "القدس" دوت كوم، أن شرطة المرور لا تستطيع مخالفة المركبات المخالفة والتي تحمل ترخيصًا إسرائيليًا بموجب اتفاقية أوسلو، التي تقضي بعدم محاكمة الإسرائيليين أمام المحاكم الفلسطينية، وهو أمر مخالف لكل الأعراف في العالم، إذ يوجد قانون إقليمي يحاكم مرتكب الجرم في البلد المخالف فيه.

وبما يتعلق بالفيديو الذي يظهر كلبشة السيارات المخالفة والتي تحمل ترخيصًا إسرائيليًا، أكد أبو زنيد أنه كان الأجدر بمن نشر الفيديو أن لا يخالف القانون، "ولو لم يخالف لما اتخذ بحقّه أي إجراء، علاوة على أنه لا يوجد لدينا تحقق من صحة الفيديو". وأوضح أن الشرطة لم تكن في المكان لحظة كلبشة السيارات التي تحمل لوحات تسجيل صفراء، وليس من صلاحيات الشرطة مخالفة تلك السيارات، ومن يقوم بكلبشتها ومخالفتها هي شركة تتبع لبلدية رام الله.

ونوّه العقيد أبو زنيد إلى وجود ثقافة لدى البعض أنه في حال مخالفة أحد في الشارع، فيجب مخالفة الجميع، لكن بالنهاية الشرطة لها سلطة تقديرية تبعًا لظروف المكان والزمان، ولا أحد يستطيع أن يفرض عليها لأن رقابتها نابعة من القانون والضمير ومن الحالة الموجودة على الشارع.

"تك بارك": نكلبش"الصفراء" بتفويض من الشرطة

وبالنظر لعدم مقدرة الشرطة على مخالفة السيارات التي تحمل ترخيصا إسرائيليا، فإن الشرطة استعانت بشركة "تك بارك" لمساعدتها بتنظيم المرور واتخاذ إجراءات بشأن تلك السيارات المخالفة.

ويوضح مسؤول الشركة إبراهيم الغانم "لقد تعاقدنا مع البلدية على عدادات الوقوف، لكن شرطة المرور استعانت بنا من أجل مساعدتهم، حيث نقوم بكلبشة السيارات التي تحمل لوحات تسجيل صفراء بتعليمات من الشرطة، ونقوم بتحصيل قيمة المخالفات نقدًا بفواتير وإيصالات، وفي كثير من الأحيان لا تدفع المخالفات أو يدفع جزء منها، والهدف هو الالتزام بقوانين السير، وليس الجباية".

وبحسب الغانم، فإنه يوجد تعاون بين الشركة وبلدية رام الله وشرطة المرور، وأن الشركة تخصص موظفًا لكل منطقة بالتزامن مع وجود شرطي، والموظف لا ينتحل شخصية الشرطي، بل يخالف ويكلبش السيارة المخالفة من السيارات ذات اللوحات الصفراء بناء على تعليمات الشرطي.

وفي السياق، يؤكد العقيد أبو زنيد أن تلك الشركة تعمل بعلم من الشرطة، وباستطاعتهم كلبشة السيارات المخالفة. منوّهًا إلى أن الشركة تأخذ صلاحيتها من البلدية بالتنسيق مع الشرطة.

ويشدد أبو زنيد على أن قانون المرور الفلسطيني وُجد لتنظيم الحالة ولتوفير الراحة للمواطنين وسواء كانت السيارة تحمل ترخيصًا فلسطينيًا أم إسرائيليًا، فيجب احترام الأنظمة والقوانين. مؤكدًا أن "من يتعرض لظلم، فإن الشرطة مستعدة لإنصافه".

العدادات والكلبشات.. جدل حول قانونية الإجراء

وقد فتحت قضية الكلبشة والمخالفات جدلًا قانونيًا حول إمكانية استخدام الكلبشة كوسيلة إجرائية لتنفيذ القانون، إذ يوضح الخبير القانوني، ماجد العاروري في حديث لـ"القدس"دوت كوم، أن "للشرطة اختصاصًا مكانيًا وزمانيًا، وكل مخالفات السير من اختصاص الشرطة بشكل كامل، وباعتقادي أن مثل هذه الإجراءات مخالفة للقانون، ولا تمتلك الشرطة الحق بالتنازل عن اختصاصاتها إلى أي جهة سواء قطاع خاص أو غيرها".

ويوضح العاروري أن مسؤولية الشرطة تطبيق قانون المرور وقانون المخالفات، دون تحرير مخالفات أو إيقاع عقوبات لم يذكرها قانون المرور الفلسطيني، وفي مثل هذه الحالات يمكن أن يسمى ذلك اعتداءً وأخذًا للقانون باليد، ومن المفروض أن تقدم شكاوى لدى النيابة العامة ضد أي جهة تأخذ القانون باليد". مشيرًا إلى أنه في حال تم استيفاء غرامات غير قيمة المخالفات الرسمية، فيجب على الشرطة أن تفصح ما إذا كانت تلك الغرامات تدخل خزينة الدولة أم لا؟ وكذلك كيفية إجراء المخالفات ودفعها؟ وهل يأتيها مردود منها أم لا؟

ويوضح العاروري أن الشرطة ارتكبت مخالفتين بهذه المخالفات، الأولى أن شرطة المرور غير مؤهلة لإعطاء اختصاصاتها لأي قطاع خاص، والثانية أن الكلبشة اعتداء من الشركات الخاصة، "فعدم المقدرة على مخالفة تلك السيارات لا يعني أن نحصلها بطرق غير قانونية".

وبما يتعلق بالكلبشة، أكد العاروري أن هذا الإجراء غير قانوني على الإطلاق، لأنه أخذ للقانون بالبيد وهو جريمة بغض النظر عمن نفذها.

أما بما يتعلق بقضية خصخصة العدادات في الشوارع من قبل البلديات، فقد أوضح عاروري أن هذه القضية بحاجة إلى قرار قضائي، وهي محل خلاف حول تحديد الاختصاصات بهذا الشأن، "ومن وجهة نظري حتى لو كان تنظيم الشوارع والمواقف من مسؤولية البلديات، فليس من حقها توظيف شركات لأخذ القانون باليد، وهذه المخالفات من اختصاصات الشرطة".

وفي الشأن، يقول المحامي داود درعاوي، عضو الأمانة العامة لنقابة المحامين، في حديث لـ"القدس"دوت كوم، إن "قانون الهيئات المحلية أعطى الهيئات المحلية صلاحية فرض رسوم واستثمار أموالها في نطاق عملها، لكن بشرط أن لا يكون هناك رسم إلا بقانون، أو نظام صادر بمقتضى قانون يخول الهيئة بجباية الرسم، لكن بما يتعلق بفرض رسوم على عدادات الدفع المسبق للاصطفاف بجانب الأرصفة بحدود منطقة الهيئة المحلية، فإنه لا توجد أنظمة معلنة تخول البلديات بفرض هذه الرسوم".

وبما يتعلق بكلبشة السيارات، فقد أوضح درعاوي أنه من حق الهيئة المحلية أن تفوض شركات لإدارة الجباية والرسوم لمدد لا تزيد عن ثلاث سنوات إن كان هناك قانون معلن، ومسألة أن تقوم الشركات المتعاقدة مع الهيئات أو حتى موظفي البلدية بكلبشة السيارات بهذه الطريقة وحجزها، فإن هذا مخالف للقانون، خاصة حجز المركبات لحين الدفع، وهذه سلطة تتعلق بالضبط القضائي أكثر، وقد تخول الصلاحية للشرطة لكن بنص قانوني يعطيها الحق بحجز المركبة، وصلاحيات الشرطة هذه لا يمكن منحها لشركات خاصة ولو توجه أي شخص كلبشت مركبته بهذه الطريقة إلى قاضي الأمور المستعجلة ضد البلدية بفك الكلبشات لمنح فك سيارته.

وفي حال عدم تمكن المواطن من الدفع مقابل فك الكلبشة عن سيارته، قال درعاوي: إن "ذلك تجني وفيه مخالفة، والأصل تحصيل رسوم المخالفات عمل لاحق، وحتى الشرطة لا تستطيع أن تفرض أو تصادر المركبة إلى حين دفع قيمة الغرامة، إلا في حالات حجز المركبة التي حددها القانون وبخلاف ذلك فهي إجراءات مخالفة للقانون، وبإمكان المتضرر أن يقاضيهم".

أما بما يتعلق بقضية كلبشة السيارات ذات اللوحات الصفراء وتغريمها، قال درعاوي: "هذا عمل يستند إلى أساس قانوني، فالقضية متعلقة باتفاق أوسلو والولاية الجنائية شأن السلطة، وبالتالي لا يمكن القيام بعمل خارج إطار القانون الأساسي، وإذا ارتكبت جريمة والشرطة لا تستطيع محاكمة مرتكب الجريمة، فإنه أيضًا لا يحق لها محاكمته ميدانيًا، فهي ملزمة بالبحث عن حلول بالاستناد إلى القانون وليس اللجوء إلى أمور بمثابة اقتضاء حق بالذات ومن الممكن أن تعرض حتى هذه الشركات أيضا للمساءلة".

بدوره، يؤكد العقيد أبو زنيد أن لجوء شرطة المرور بالتعاون مع البلديات ووزارتي المواصلات والحكم المحلي والبلديات لهذه الوسيلة بسبب امتلاك البلديات صلاحيات تنظيمية حسب قانون تنظيم المدن والقرى بفرض رسوم على المخالفين، وأن المادة 54 من قانون المرور أعطت الشرطة والحكم المحلي صلاحية جر المركبات أو مخالفتها في حال خالفت القانون.

ويوضح أبو زنيد أنه بالنسبة للمواطنين الفلسطينيين فإنهم لن يستطيعوا التهرب من دفع المخالفات أمام المحاكم، ولكن السيارات التي تحمل لوحات تسجيل صفراء يتم كلبشتها لأن الشرطة لا تستطيع مقاضاة أصحابها، فتم اللجوء إلى هذه الوسيلة، و"الهدف لدينا الردع وعدم العودة لارتكاب المخالفة".

ووفق أبو زنيد، فإن قانون تنظيم المدن والقرى هو قانون أردني قديم ينص على تنظيم المرافق العامة. وقال: "راجعنا القانون جيدًا، ومن حق البلدية منح صلاحياتها عبر العطاءات لجهة ما للقيام بواجب معين يساعدها على القيام بمهامها، وهذا أمر موجود إذ يتجه العالم نحو الخصخصة، وما يجري هو ضمن مهام البلديات، ولم تتنازل الشرطة عن صلاحياتها، ولا يوجد تناقض ما بين القانون الأردني أو قانون المرور الفلسطيني بهذا الشأن، ونحن على توافق تام، ولا يوجد تنازع اختصاص".

شهادات واحتجاجات ضحايا الكلبشات!

في الشارع المؤدي إلى مجمع فلسطين الطبي وبالقرب من سينما القصبة بمدينة رام الله، كان سامر حمدان يركن سيارته إلى جانب إحدى العدادات التابعة لشركة "تك بارك"، من أجل الذهاب إلى طبيب الأسنان، وحينما عاد وجد سيارته مكلبشة، ووجد على زجاجها إيصالًا بغرامة بقيمة 25 شيكلًا، ولم يتم فك الكلبشة إلا بعد دفع قيمة الغرامة.

ويقول سامر لـ"القدس"دوت كوم: "ركنت سيارتي إلى جانب العداد، وضعت شيكلين لمدة ساعة، وحينما تأخرت عن الموعد المطلوب خمس دقائق، وجدت سيارتي مكلبشة. متسائلاً: "بأي حق يأخذون هذا المبلغ، ما يتم هو سرقة، ومبلغ 25 شيكلًا يكفيني 25 مرة للوقوف لمدة نصف ساعة قرب العداد، في مرة قادمة لن أقف بجانب العداد، سأبحث عن مكان آخر في إحدى مداخل الشوارع أو في مواقف خاصة من أجل أن لا أدفع حتى للعداد".

ويضيف سامر: "أقف على الخطين الأبيض والأزرق، ولم أغلق الشارع الذي هو حق للجميع، قبل وضع العدادات كنا نقف ولا نخالف السير، ولا أحد يخالفنا، ما يجري سرقة بطريقة ملتوية".

عبد اللطيف الشيخ قاسم من مدينة القدس، يأتي إلى رام الله بين الحين والآخر، ولكنه لا يوقف سيارته في الشوارع، بل يوقفها فقط في المواقف الخاصة، بالنسبة له فإن المواقف الخاصة أفضل لحماية سيارته والحفاظ عليها، كما يقول لـ"القدس"دوت كوم.

عبد اللطيف لم يتعرض لأية مخالفة أبدًا، لكن حوادث عدة جرت مع أصدقاء له من القدس، وتتم كلبشة سياراتهم. لقد تابع عبد اللطيف الفيديو الأخير الذي انتشر حول تمييز سيارات القدس دون غيرها بالكلبشة والمخالفات، ويقول: إن "الفيديو مبالغ فيه، وجميع السيارات تمت مخالفتها ولا يوجد تمييز بين سيارات مخالفة دون غيرها، لكن بعض الموظفين في الشركة وبشكل فردي يطمعون بأهالي القدس والداخل ويحررون بحقّهم مخالفات".

قبل شهر ونصف حررت الشرطة بحق المواطن إبراهيم حمدان من رام الله مخالفتي سير بقيمة 150 شيكلاً لكل مخالفة، بسبب وقوفه في أماكن يمنع القانون الوقوف بها، بينما تعرض لكلبشة سيارته ودفع غرامة بقيمة 25 شيكلاً لشركة العدادات، حينما تأخر عن المدة المخصصة لمدة نصف ساعة، ولم تحل الشركة الكلبشة إلا بعدما دفع قيمة غرامة التأخير.

يقول حمدان لـ "القدس" دوت كوم: إنني "أستحق إحدى المخالفتين من الشرطة حينما وقفت لمدة طويلة على الخطين الأحمر والأبيض، لكنني في المخالفة الثانية توقفت للحظات في منطقة خط المشاة، حينما اضطررت لتناول حاجة لي من إحدى المحالات في سوق رام الله وكنت أشعل ضوء (الفلاشر)، لكن الشرطي خالفني".

وطالب المواطن حمدان بضرورة أن يكون القانون رحيمًا بالناس، "صحيح أنه توجد قوانين ويجب إتباعها، لكن لا بد من الرحمة فظروفنا الاقتصادية سيئة". فيما أشار إلى أنه لا يحق للبلدية أن تجبي من الناس أجرة على الوقوف في الشوارع، ومن حقنا الحصول على خدمات فنحن ندفع لها ضرائب".

أما الشاب "ليث" والذي اكتفى باسمه الأول فقط، خلال حديث مع "القدس"دوت كوم، فإنه يعمل بمحل تجاري في مدينة رام الله وتحصّل حديثًا على رخصة قيادة واشترى سيارة خاصة، لكنه يخشى أن يوقف سيارته أمام المحل الذي يعمل به خوفًا من مخالفته، ويوقفها في موقف خاص مجاور، فصاحب المحل الذي يعمل به يتعرض لمخالفات من الشرطة باستمرار، حينما يوقف سيارته أمام محله لنقل البضاعة، فالخطان الأحمر والأبيض ممتدان أمام المحل.

يقول ليث: "نحن مع تطبيق القانون، لكن يجب أن تتم مراعاتنا من أجل تنزيل وتحميل البضاعة، لقد تعرض صاحب المحل إلى 3 مخالفات خلال شهرين فقط، وكل مخالفة بقيمة 150 شيكلاً، ولا بد أن ندفعها".

التاجر نبيل عرفة وهو من القدس ويحمل هوية زرقاء، يمتلك محلاً تجاريًا منذ 30 عامًا في سوق مدينة رام الله، تمت كلبشة سيارته ومخالفته 15 مرة، في كل مرة تتم مخالفته بمبلغ 100 شيكل، لا لشيء سوى أنه يقوم بتحميل وتنزيل بضاعة من محله.

ويقول عرفة: "لا أستطيع أن أوقف سيارتي إلا أمام محلي، ماذا أفعل، أنا محل جملة، ولدي طلبات كثيرة، طلبنا منهم أن يسمحوا لنا لكن دون جدوى"، فيما يشير إلى أن "القانون جائر، ولا يخدم مصالح الناس، كلما أقف باب محلي تتم مخالفتي! ماذا أفعل؟ إن الشوارع وجدت لخدمة الناس مع الحفاظ على النظام".

من هي (تك بارك) شركة العدّادات والكلبشات؟

تأسست شركة "تك بارك" عام 2011، وتتبع لمالكها إبراهيم الغانم، إذ تقدمت لعطاءات العدادات في غالبية مدن الضفة ورست عليها، لانطباق المواصفات والمقاييس عليها.

ووفق رئيس بلدية رام الله موسى حديد، فإن شركتي "تك بارك"، و"آي بارك" تقدمتا قبل نحو عام لعطاء للحصول على امتياز العمل في العدادات المنتشرة في مدينة رام الله، وحصلت شركة "تك بارك" على العطاء بعد رسو العطاء عليها ومطابقتها لشروطه.

وتعمل شركة (تك بارك) في (رام الله، البيرة، الخليل، بيت لحم، أريحا، طولكرم، دورا، الظاهرية، قلقيلية)، وفي جنين تتبع لشركة أخرى، وفي نابلس لصالح بلدية نابلس مباشرة.

وتبلغ عدد العدادات المنتشرة في الضفة الغربية والتابعة لشركة "تك بارك" 2800 عداد، منها 750 عدادًا في رام الله، وفي البيرة 350 عدادًا، والخليل 600 عداد، وبيت لحم 200 عداد، وأريحا 200 عداد، وطولكرم 250 عدادًا، ودورا 100 عداد، والظاهرية 150 عدادًا، وقلقيلية 200 عداد. تخضع "تلك بارك" لنظام وزارة الحكم المحلي التي حددت تعرفة الوقوف بـ 3 شواكل لكل ساعة إلا أن الشركة خفضت التعرفة إلى 2 شيكل بطلب من البلديات. وتم تحديد ما نسبته 4% من مواقف العدادات المجانية لذوي الاحتياجات الخاصة. وتبلغ غرامة الوقوف في المواقف المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة 150 شيكلًا. وحسب بيانات الشرطة فقد تم تحرير 220 ألف مخالفة بحق سيارات مخالفة العام الماضي، لا يوجد من بينها أية مخالفة لمركبات تحمل لوحات تسجيل صفراء.

وانتشرت العدادات خلال السنوات الماضية في المحافظات وذلك لتوفير مواقف بجانب الأرصفة لفترات زمنية محددة مقابل مبالغ مالية، إذ تم التعاقد مع شركة (تك بارك) الخاصة للقيام بالمهمة وذلك بتفويض من الشرطة بكلبشة السيارات المخالفة التي تحمل لوحات تسجيل صفراء وبالتعاون مع البلديات التي رست عليها العطاء لكلبشة السيارات التي لا تتقيد بشروط الوقوف عند العدادات.

وتصل قيمة مخالفات سيارات الضفة المركونة إلى جانب الخطين الأحمر والأبيض إلى 150 شيكلاً تدفع من خلال المحاكم.

بينما يتم كلبشة السيارات التي تحمل لوحات تسجيل صفراء من قبل شركة خاصة بالتنسيق مع الشرطة بقيمة 100 شيكل تدفع نقدًا للشركة.

وكانت الشرطة أبرمت اتفاقا مع شركة "تك بارك" في شهر أيلول 2018 للقيام بمهمة كلبشة السيارات المخالفة ذات اللوحات الصفراء، إذ تحصل الشركة على 10% من قيمة المخالفة بدل أتعاب، وتعود قيمة المخالفة إلى البلديات وهي الجهة التي أوكلت المهمة للشركة. وتضم شركة (تك بارك) 56 موظف رقابة، و10 موظفي صيانة، و3 إداريين.

من يركن سيارته بجانب العداد يدفع شيكلاً واحدًا فقط مقابل نصف ساعة وقوف، وتزيد الشركة مدة ربع ساعة إضافية مجانًا، وفي حال تأخر صاحب السيارة عن المدة المحددة تقوم الشركة بكلبشة عجلات السيارة، وتضع مخالفة للسائق على تأخره بقيمة 25 شيكلاً، وفي حال تأخر السائق لمدة طويلة إلى ما بعد منتصف الليل فإنه يدفع مخالفة "بدل تأخير".

رام الله الأكثر اكتظاظًا!

حسب سجلات وزارة النقل والمواصلات في (الضفة الغربية) فقد بلغ عدد السيارات في الشوارع حتى نهاية عام 2017، (370757) مركبة، وتم إلغاء (45119) مركبة منها ليصبح عدد المركبات المسجلة والعاملة (325638) مركبة حتى نهاية عام 2017.

وتُسجل مدينة رام الله أعلى نسبة اكتظاظ بالسيارات في الشوارع كما يُظهر التوزيع النسبي للمركبات حتى نهاية العام 2017 حسب مديرية الترخيص، إذ تبلغ نسبة تسجيل المركبات في مديرية رام الله 31.3% من مجموع المركبات المسجلة، تليها مديرية الخليل بنسبة 16.3%، ثم مديرية نابلس بنسبة 15.4%، أما باقي المديريات فتشكل نسبتها 37 % من مجموع المركبات المسجلة والعاملة.

أبو عرقوب: الكلبشات لـ"الصفراء"والمخالفات لـ"الزرقاء"

في توضيح مكتوب من العقيد أبو عرقوب وصل"القدس"دوت كوم، قال فيه: "الكل يعلم أن المركبات ذات اللوحات الصفراء وبطاقات الهوية الزرقاء لا تتوفر لها قاعدة بيانات في الحواسيب الفلسطينية، لذلك يتم مخالفتها عن طريق الكلبشات، وإنه يتم تحرير مخالفات للمركبات الفلسطينية تدفع في المحاكم. مع العلم أن قيمة مخالفة الكلبشات أقل من قيمة المخالفات العادية".

(بيرلس) تكلبش السيارات في جنين والبلدية تتولى المهمة في نابلس

في مدينة جنين عهد لشركة (بيرلس) الخاصة التي رسا عليها العطاء بعد تنافسها مع "تك بارك" بمهمة تنظيم عمل العدادات والكلبشات في مدينة جنين بينما يتولى موظفو بلدية نابلس المهمة في المدينة.

وتعمل العدادات في مدينة جنين وفق آلية دفع مبلغ 3 شواكل لكل ساعة، وفي حال تجاوز الحد المسموح به للوقوف بعد إضافة 15 دقيقة مجانية، أو في حال الوقوف بدون الدفع في العداد، يتم كلبشة السيارة على أن تدفع غرامة بقيمة 20 شيكلًا.

ويقول مدير بلدية جنين ممدوح عساف، لـ"القدس"دوت كوم إن "البلدية لديها 380 موقفًا للعدادات، تعمل منذ العام 2013، إذ حصلت "شركة بيرلس" الخاصة بالعدادات على عطاء وتقوم بموجبه بمتابعة العدادات"، لافتًا إلى أن العطاءات الخاصة بالعدادات تجري كل 3 أعوام، ورسا العطاء مؤخرًا على شركة "بيرلس" التي تنافست مع شركة "تك بارك".

بينما يوجد في مدينة نابلس 450 موقفًا، بحيث يتم دفع شيكل واحد مقابل نصف ساعة وقد يصل الحد الأعلى المسموح به للوقوف إلى مدة ساعتين ونصف على أن يتم دفع مبلغ 5 شواكل، وبالإمكان تجديد الوقوف بمواصلة الدفع.

وفي حال التأخر عن المدة المسموح بها تتم مخالفة سيارات الضفة الغربية بمبلغ 25 شيكلًا ويتم وضع المخالفة على زجاج السيارة، على أن يتم دفعها في صندوق الجباية الخاص ببلدية نابلس أو لدى محكمة بلدية نابلس في مدة أقصاها شهر، وفق ما يوضح رئيس قسم الحراسة والتفتيش في بلدية نابلس، أمجد عيران، في حديث لـ"القدس"دوت كوم.

ويشير عيران إلى أن سيارات أهالي الداخل تتم كلبشتها لعدم توفر الإمكانية القانونية بمحاكمتهم في المحاكم الفلسطينية أو جباية رسوم منهم من خلال البلديات، وتتم مخالفتهم بغرامة تصل 100 شيكل حسب مدة التأخير وتدفع نقدًا من أجل فك الكلبشة، وكذلك تتم كلبشة سيارات الداخل وتغريمها في حال وقوفها في أماكن ممنوعة، بالتنسيق مع الشرطة لعدم مقدرتها على مخالفتهم، بينما تتم مخالفة سيارات الضفة المخالفة والتي تقف في أماكن ممنوعة عبر تحرير مخالفات من الشرطة تدفع في المحاكم.

وأوضح عيران أن قيمة الغرامة المفروضة عليهم أعلى من الغرامة المفروضة على أهالي الضفة لأن أهالي الضفة يدفعونها في المحاكم، أما أهالي الداخل فإن كلبشة سياراتهم تحتاج إلى موظفين وآليات خاصة بالكلبشة سواء في كلبشة السيارة أو فكها.

عندما تقع الشرطة في "فخ الكلبشة"!

تناقل ناشطون على موقع التواصل الاجتماعيّ صورًا لمركبة تابعة للشرطة، وأخرى تابعة لبلدية نابلس وقعتا في "فخ الكلبشة"؛ الحادثة الأولى رُصدت في مدينة دورا جنوب الخليل، والثانية وسط مدينة رام الله.

الشرطة: 220 ألف مخالفة العام الماضي

وأصدرت المديرية العامة للشرطة بيانًا أوضحت فيه آليات تحرير المخالفات للمركبات التي تتجاوز قانون المرور الفلسطيني، وتحمل لوحة تسجيل صفراء ويتم كلبشتها بالتعاون مع البلديات لمنع الوقوف المزدوج وغيرها من التجاوزات انطلاقًا من صلاحياتها التنظيمية التي منحت لها بموجب القانون. بينما يتم تحرير المخالفات للمركبات التي تحمل لوحات تسجيل فلسطينية، حيث أوضحت الشرطة أنها حررت خلال العام الماضي، ما يزيد عن 220 ألف مخالفة، ولا يوجد من بينها أية مخالفة لمركبات تحمل لوحات تسجيل صفراء.

وأشارت الشرطة إلى أن هذه الإجراءات تأتي في إطار تنظيم حركة السير داخل المدن، ولا يوجد فيها استهداف لأحد، إذ يستغل البعض عدم مقدرة الشرطة على تحرير مخالفات مرورية لسائقي المركبات التي تحمل لوحة تسجيل صفراء، بتجاوز القانون، لذلك تم وضع خطة بالتعاون مع البلديات والاتفاق معها على استخدام الكلبشات للمركبات المخالفة. وناشدت الشرطة الأهل القادمين من الداخل بضرورة الالتزام بالقانون، وإيقاف مركباتهم في أماكن مسموح الوقوف فيها.