"ماس" يناقش تداعيات الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي

تاريخ النشر
وانعكاساتها على اقتصاد الضفة الغربية

رام الله-أخبار المال والأعمال- عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) لقاء طاولة مستديرة بعنوان "تداعيات الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي وانعكاساتها على اقتصاد الضفة الغربية"، بمشاركة مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين، وجاهيًا في مقر المعهد برام الله وعبر تقنية الزووم.

أعد الورقة الخلفية د. نعمان كنفاني، وإسلام ربيع، وقدم كل من الباحث في جمعية الجليل د. مطانس شحادة، ومدير دائرة الأبحاث والسياسات النقدية في سلطة النقد الفلسطينية محمد عطا الله، والباحث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" د. وليد حباس، مداخلاتهم وتعقيباتهم على ورقة النقاش.

وأكد مدير عام "ماس" رجا الخالدي، في كلمته بافتتاح الجلسة، أهمية الموضوع وتداعياته السياساتية الحياتية والمعيشية على الاقتصاد المحلي.

وذكر أن موضوع هذه الورقة يأتي ضمن رصد المعهد لآثار العدوان الإسرائيلي على الاراضي الفلسطينية، وأشار كذلك أن المعهد يقوم بإعداد ورقة سياسات عقب كل جلسة.

ورقة ماس الخلفية

بينت الورقة التداعيات السلبية للحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، والتي يأتي على رأسها انكماش الاقتصاد بمعدل 5.7% في الربع الرابع 2023 مقارنة بربع السنة السابق.

وجاء هذا الانكماش بسبب التراجع في الطلب والإنتاج. وجاء التراجع في الطلب نتيجة التراجع الملموس في الاستهلاك الخاص وفي إجمالي الاستثمار، والصادرات، قابله ارتفاع حاد في الإنفاق الاستهلاكي الحكومي، لتغطية التكاليف المترافقة مع الحرب. من ناحية الإنتاج.

وشهد الربع الرابع 2023 انخفاضًا في القيمة المضافة في جميع القطاعات الرئيسية في الاقتصاد الإسرائيلي بسبب تقلص العمالة المتاحة في سوق العمل الناجمة عن استدعاء جنود الاحتياط، وإخلاء مستوطنات غلاف غزة والمستوطنات المحاذية لحدود جنوب لبنان.

وتظهر الورقة بأن الانكماش على المستوى الربعي أدى إلى تباطؤ الأداء الاقتصادي على المستوى السنوي أيضًا، فقد نما الاقتصاد الإسرائيلي في العام 2023 بمعدل 2% فقط مقارنة بمعدل نمو 6.5% في العام الذي سبقه.

من جانب آخر، ترك ثقل عبء نفقات الحرب آثارًا سلبية على مالية الحكومة الإسرائيلية، إذ بلغ عجز ميزانية الحكومة في العام 2023 ما مقداره 78.3 مليار شيقل.

ومن المتوقع أن يتسع ويستمر هذا العجز في موازنة 2024 المعدلة ليصل لنحو 130 مليار شيقل على الأقل.

على ضوء هذه التداعيات، وفي ظل عدم وضوح الكلفة الإجمالية للحرب الإسرائيلية على القطاع مع دخولها شهرها الثامن. تطرح مجموعة من التساؤلات حول قدرة الإسرائيلي على التعافي وتحمل تكاليف الحرب، التي بات في حكم المؤكد أنها فاقت كل التوقعات.

وتشير الدلائل إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي لن يستطيع تحمل وتخطي هذه التكاليف بسهولة.

في حين على الجانب الفلسطيني تطرح مجموعة من التساؤلات حول ماهية السياسات الاقتصادية التي تؤدي الى تحفيز الطلب وزيادة الانفاق الاستهلاكي، وكيفية الاستفادة من تراجع الواردات الفلسطينية من اسرائيل وما هي الاستثمارات العاجلة التي تخدم أو تعوض هذا التراجع، وسبل اللحد من معضلة البطالة الكبيرة، وعن افضل الادوات لزيادة الايرادات دون المساس بالفئات الفقيرة وصغار المنتجين.

في تعقيبه على الورقة، بين عطا الله أن سلطة النقد ونتيجة الصدمات الكثيرة التي يتعرض لها الاقتصاد الفلسطيني سواء الداخلية أو الخارجية عملت على إجراء العديد من التدخلات للمساهمة في تشجيع النمو الاقتصادي.

وأوضح أن القطاع المصرفي يمثل صمام الأمان للاقتصاد، والداعم الرئيسي للاستقرار الاقتصادي والمالي.

وذكر أن التدخلات ركّزت على الموائمة بين المحافظة على استقرار وسلامة القطاع المصرفي وزيادة مرونته ومناعته في التعامل مع أي صدمات، بالتوازي مع الاستمرار في تقديم مختلف الخدمات المصرفية لدعم ومساعدة جميع الأطراف من مواطنين وموظفين وحكومة وقطاع خاص، وذلك من أجل تجاوز هذه الظروف والإبقاء على دورة الأعمال من توفير وإتاحة التمويل بمختلف العملات وبالآجال المطلوبة وبشروط وتكاليف ميسرة.

وأشار عطا الله إلى أن أبرز التدخلات كانت في إطلاق صندوق استدامة في العام 2020 بمحفظة تمويلية تبلغ 435 مليون دولار لمساعدة المشاريع الصغيرة المتضررة من جائحة كورونا، كما أطلقت سلطة النقد برنامج تمويل المشاريع المقدسية داخل وخارج أسوار القدس في العام 2021 بمحفظة تمويلية 5 مليون دولار، وأطلقت أيضًا برنامج "إبدأ الآن Start Now" لتمويل المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر بمحفظة تمويلية 10 ملاين دولار، بالإضافة إلى صندوق استدامة بلس. وتعمل سلطة النقد حاليًا على إطلاق برنامج دعم عمال الخط الأخضر بمحفظة تمويلية حجمها 50 مليون شيقل لمساعدة العمال داخل الخط الأخضر لإنشاء مشاريعهم الخاصة، كبديل عن انتظار عودة فرص العمل بعد انتهاء الحرب وخلق فرص عمل جديدة.

بدوره، تحدث شحادة عن أن حرب الإبادة على غزة أدخلت الاقتصاد الإسرائيلي في وضع سيء جدًا والذي كان أساسًا في حالة من عدم الاستقرار بعد ما شهده المجتمع الإسرائيلي من سلسلة احتجاجات ضد الحكومة الإسرائيلية وتراجع الثقة بنتنياهو، وأن هذه الحرب تختلف عن سابقاتها حيث أن الاقتصاد الإسرائيلي شهد خسائر كبيرة في كافة القطاعات وإن كانت بنسب متفاوتة، إضافة إلى التكلفة الباهظة التي تكبدتها ميزانية الحكومة الإسرائيلية لإيواء 150 ألف إسرائيلي خرجوا من مساكنهم في الشمال والجنوب، عدا عن التعويضات التي فرضت على الحكومة من قبل هؤلاء.

وتحدث شحادة أيضًا عن المقاطعة الشعبية التي تتعرض لها إسرائيل داخليًا وخارجيًا والتي ألحقت أضرارًا بالغة في قطاعات مهمة في الاقتصاد الإسرائيلي، ووصف شحادة هذا كله بكرة ثلج سلبية متدحرجة للاقتصاد الإسرائيلي معالمها لم تتضح بعد ونهايتها غير واضحة وآثارها ستستمر لعدة سنوات، وأن تكلفة هذه الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي تقدّر بحوالي 250-300 مليار شيقل.

2


من جهته، أشار حباس في تعقيبه إلى أن اقتصاد إسرائيل على الرغم من الهزات التي تلقاها إلا أن هذا الاقتصاد قوي وكبير جدًا، وهو ما يعكس قضيتين الأولى أن الاقتصاد الإسرائيلي هو اقتصاد حرب، والثانية أن الاقتصاد الإسرائيلي هو محمي من القوى العظمي، فإسرائيل لديها بطانة من الحماية عند الحديث عن الحرب.

وذكر حباس بأن الآثار طويلة الأمد للحرب والتي لا تنتهي بانتهاء الحرب، قد تصل إلى خسارة تقدّر بـ 400 مليار شيقل على مدى 10 سنوات، أما فيما يتعلق بانعكاس ذلك على الاقتصاد الفلسطيني فهناك جانب العمال والبالغ عددهم نحو 200 ألف عامل في إسرائيل والمستوطنات، والتجارة الخارجية والتي تعتبر إسرائيل هي الحصة الأكبر، إضافة إلى موضوع المقاصة والاقتطاعات التي تقوم بها إسرائيل.

وبين حباس أن إسرائيل تهيمن على إمكانيات الفلسطينيين والسلطة الفلسطينية، وازدادت هذه الهيمنة مع وصول حكومة نتنياهو وسموتريش وبن غفير خاصة في موضوع الاقتطاعات.

وبين أن هناك توجه عام داخل إسرائيل في انزياح متسارع نحو اليمين المتطرف، والتي بدورها تتجه نحو التخلص من العمالة الفلسطينية، ولكن على الرغم من ذلك إلا أنه في ظل الظروف الحالية لا يمكن التخلي عن عمال الضفة.

وأشار إلى أن خروج العمال من السوق الإسرائيلي أثر بشكل كبير على الاقتصاد الإسرائيلي، وأن عودة العمال أمر حتمي لعدم وجود بديل.

وتباينت وجهات نظر الحضور حول التداعيات السبية للحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، فمن جهة أشار جانب من الحضور إلى القدرة الاستيعابية والتعافي العالية للاقتصاد الإسرائيلي.

في حين أشار جانب اخر من الحضور بأن الاقتصاد الاسرائيلي سهل التأثر بالمؤثرات الخارجية.

فيما يتعلق بالجانب الفلسطيني، شدد الحضور أن الأوضاع الراهنة من ارتفاع البطالة وتراجع التجارة الخارجية، وما رافقها من تراجع في الإيرادات الضريبية الحكومية يفرض على صناع القرار التفكير الزاميا باليات الانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي ودعم الإنتاج والتشغيل المحلي.

وكما أشاد الحضور بالدور الفعال الذي تقوم به سلطة النقد في إطار ملف التعامل مع الأزمة الراهنة.

في نهاية اللقاء، أكد الحضور أن الأرقام حول تداعيات الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي ما تزال أولية وأنها عرضة للتغير بشكل كبير وفق مجريات الحرب. 

1